+
----
-
النسب والقبيلة
النوار بنت مالك الأنصارية، صحابية جليلة كانت
متزوجة من ثابت بن الضحاك، فولدت له زيد بن ثابت
وأخاه يزيد. قتل زوجها يوم بعاث، وكان عمر زيد
ست سنوات، ثم تزوجها عمارة بن حزم وهو من أهل
بدر، وشهد المشاهد كلها مع رسول .
وقد كانت هذه المرأة أمًّا كريمة شهمة حكيمة، آمنت بالنبي قبل مقدم
ه المدينة، فراحت تغذي زيدًا على مائدة القرآن
وحفظه، وحب المصطفى ، وقد عرف قلب زيد الصغير طعم هذا الحب
وبركته من أول يوم التقى فيه رسول
،
وقد كان لقاء كرم وحسن ضيافة، إذ كانت أول هدية أهديت للحبيب المصطفى حين
نزل بدار أبي أيوب
الأنصاري، قصعة من طعام جاء بها زيد، أرسلته بها أمه
النوار.
يروي زيد
قصة هذه الهدية، فيقول: "أول هدية دخلت على رسول في بيت أبي أيوب،
قصعة أرسلتني بها
أمي إليه، فيها خبز مثرود بسمن ولبن، فوضعتها بين يديه،
وقلت: يا رسول ، أرسلت بهذه القصعة أمي. فقال رسول
: "بارك فيك وفي أمك"[1].
أفبعد هذه المنزلة لابن النوار منزلة تسمو إليها الهمم! هنيئًا لك أيتها
الأم التي ربت فأحسنت تربية ابنها، فقد دفعته إلى
رسول تريد ليحفظ القرآن منه مباشرة،
ودفعته صغيرًا إلى الجهاد في سبيل .
هذه هي الأم العظيمة النوار، وهذا هو ابنها زيد، وذاك علمه،
وتلك مكانته، إنه عملها الصالح، وكيف لا ورسول
أخبرنا قائلاً: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث:
صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو
له"[2]. فالولد خلق وعمل الإنسان.
وكمال
المرأة الوظيفي أن تكون راعية، ومسئولة، ومربية. إنه غاية ما يراد منها
تحقيقه؛ حفظًا لفطرة ، ونشرًا
لرسالة ، وخدمة لأمة رسول . فلله درك أيتها النوار!
من مواقفها
عن النوار بنت مالك قالت: أقبل خولي برأس الحسين فوضعه تحت إجانة[3]
في الدار، ثم دخل البيت فأوى إلى
فراشه، فقلت له: ما الخبر ما عندك؟ قال:
جئتك بغنى الدهر، هذا رأس الحسين معك في الدار. قالت: فقلت: ويلك!
جاء
الناس بالذهب والفضة، وجئت برأس ابن رسول
، لا و لا يجمع رأسي ورأسك بيت أبدًا.
قالت:
فقمت من فراشي فخرجت إلى الدار، فدعا الأسدية فأدخلها إليه، وجلست أنظر.
قالت: فو ما زلت أنظر إلى
نور يسطع مثل العمود من السماء إلى الإجانة،
ورأيت طيرًا بيضًا ترفرف حولها. قال: فلما أصبح غدا بالرأس إلى
عبيد
بن زياد[4].
--------------------------------------------------------------------------------
[1] برهان الدين الحلبي: السيرة الحلبية 2/277.
[2] رواه مسلم (1631).
[3] الإجانة: إناء تغسل فيه الثياب.
[4] تاريخ الطبري [/3/335
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ